في خضم سيل الترندات اليومية التي تجتاح منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، برز فجأة ترند بعنوان "خطفوني عينيك"، سرعان ما اجتاح المحتوى العربي الرقمي. مقاطع قصيرة تمثّل لحظات درامية أو رومانسية، مستوحاة من مقتطف موسيقي بسيط، تتكرر على ألسنة الشباب والمراهقين وتحصد آلاف المشاهدات والإعجابات.
تحوّل هذا المقطع الغنائي إلى مادة خام جاهزة للتقليد، ضمن ما يشبه ورشة جماعية افتراضية. ورغم بساطته — بل وفراغه أحيانًا من أي مضمون — انتشر الترند كالنار في الهشيم، حاملاً معه كل عناصر التكرار والتفاهة أحيانًا.
هذا النوع من التفاعل يعكس ما يُعرف بـ"ثقافة التقليد"، حيث تتحوّل المنصات الرقمية إلى مساحات موحّدة المحتوى، تُقصى منها الأصوات الجديدة أو التجارب المبتكرة، لصالح نسخة واحدة قابلة لإعادة النسخ آلاف المرات. يصبح الهدف هو اللحاق بالموجة، لا التعبير الفردي.
والأخطر من ذلك، أن مثل هذه الترندات تُرسّخ سطحية جماعية في طريقة التفاعل: فبدل التفاعل الحقيقي مع الكلمات أو الرسالة، ينصبّ التركيز على اللقطة، الإيماءة، أو الأداء المفتعل. وغالبًا ما يغيب عن الجمهور أن وراء هذا السلوك الجماعي تقف خوارزميات ذكية تُوجّه الذوق العام نحو ما هو سهل وسريع ومألوف.
تفاعل الجمهور مع "خطفوني عينيك" إذًا ليس مجرّد ترفيه بريء، بل مؤشّر على تحوّلات أعمق تمسّ مفهوم التعبير والتلقّي داخل الفضاء الرقمي العربي. نحن اليوم لا نعيش فقط "ظاهرة ترند"، بل نشهد تحوّلًا نحو صناعة محتوى موحّد يُهمّش الاختلاف ويقتل الإبداع.