ينظر القضاء التونسي، اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025، في قضية استعجالية تطالب بإخلاء ضيعة جمنة، في خطوة وصفها أهالي الجهة بأنها محاولة انتقامية لاستهداف تجربة مستقلة خرجت عن رقابة السلطة المركزية.
وأوضح رئيس جمعية حماية واحات جمنة، طاهر الطاهري، أن هذه ليست المرة الأولى، إذ سبق وأن حصلت محاولة مماثلة سنة 2016، لكنها فشلت بسبب رفض والي قبلي آنذاك استخدام القوة ضد الأهالي، في موقف اعتبره الطاهري شجاعًا مقارنة بتصرفات الدولة الحالية التي توظف القضاء ضد مواطنيها.
ومنذ سنة 2011، بدأ أهالي جمنة إدارة واحتهم بشكل جماعي عبر جمعية محلية، بعد استرجاع الأرض من شركة عمومية ومستثمرين خواص، وتمكّنوا من تحويلها إلى نموذج اقتصادي واجتماعي يقوم على الشفافية والعدالة وتقاسم الثروة، لتصبح تعرف باسم “واحة الكرامة” في قلب الصحراء.
وفي سياق متصل، من المقرر أن ينظر القضاء، يوم الاثنين 19 جانفي 2026، في قضية ثانية تتعلق بتقييم محاصيل الواحة منذ 2011.
وأكدت الجمعية أنها لا تخشى هذه القضية نظرًا لاعتمادها على تدقيق محاسبي سنوي وتقارير مالية منشورة، في مقابل صمت الدولة وعجزها عن تقديم أرقام دقيقة.
وأشار الطاهري إلى أن الرئيس قيس سعيّد كان من أكبر داعمي تجربة جمنة، إذ تواصل معه شخصيًا عدة مرات وأشاد بها كنموذج للاقتصاد التضامني، قبل أن تنقلب اليوم أجهزة الدولة ضدها، في ما اعتبره الطاهري تجسيدًا لنفاق الخطاب وسقوط الوعود.
وأضاف أن الجمعية، على الرغم من تأسيس شركة أهلية باسم "عراجين الكرامة" وفتح قنوات تواصل مع وزارات الدولة، تواجه اليوم سياسة خنق وتجويع من السلطة، مما يهدد مئات مواطن الشغل ويدفع عائلات كاملة إلى البطالة واليأس.
وأوضحت الجمعية أن ما يحدث في جمنة ليس نزاعًا قانونيًا فحسب، بل هو معركة سياسية بين تجربة شعبية ناجحة وسلطة تخاف كل نجاح خارج قبضتها، سلطة ترفع شعارات "الكرامة" بينما تسعى عمليًا إلى اقتلاعها من جذورها.