قدّم الخبير في الشأن الليبي غازي معلّى قراءة تحليلية للتطورات الأمنية الأخيرة في العاصمة الليبية طرابلس، عقب اندلاع مواجهات مسلحة مساء أمس إثر مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغني الككلي، في ظروف لا تزال غامضة.
وأوضح معلّى في تصريح لإذاعة "جوهرة" أن العملية لم تكن مفاجئة، بل جاءت نتيجة توترات وتحركات عسكرية سبقتها داخل المدينة، مؤكداً أن الاشتباكات دارت بين جهات أمنية رسمية تتبع من جهة المجلس الرئاسي، ومن جهة أخرى وزارة الدفاع في حكومة عبد الحميد الدبيبة، في ما وصفه بـ"صراع نفوذ على مؤسسات سيادية كبرى مثل البنك المركزي ومؤسسة الاتصالات".
وأضاف أن الككلي تعرّض على ما يبدو لـ"كمين مدبّر"، تبعه هجوم استهدف مقرات جهاز دعم الاستقرار في حي بوسليم، ما أسفر عن تدمير منشآت أمنية والإفراج عن عدد من الموقوفين، من بينهم المدير العام السابق لمؤسسة الاتصالات الليبية.
وبشأن الأوضاع الراهنة، طمأن معلّى بأن العاصمة طرابلس تشهد حالياً هدوءاً نسبياً، مؤكداً أن الجالية التونسية بخير ولم تُسجّل إصابات في صفوفها، مع الإشارة إلى أن السفارة التونسية دعت رعاياها لتوخي الحذر.
وحول تزامن هذه التطورات مع الحراك الدبلوماسي الدولي، رجّح وجود تنسيق مسبق، لافتاً إلى زيارة وفد عسكري ليبي إلى واشنطن قبل يومين من اندلاع الأحداث، ما قد يشير إلى تقاطعات بين المشهدين الأمني والدولي.
وفي ما يتعلق بالوضع الحدودي، أشار معلّى إلى أن المعبر مغلق من الجانب الليبي "لمنع فرار قيادات ميدانية"، مطمئناً في الوقت ذاته إلى أن "الأوضاع تحت السيطرة".
وبخصوص ما يُتداول عن الإفراج عن الأموال الليبية المجمّدة في الولايات المتحدة، اعتبر معلّى أن هذه الخطوة ما زالت في طور الترتيب ضمن سياق سياسي معقّد لم يصل بعد إلى مرحلة التنفيذ، مرجّحاً خضوعها لمفاوضات دقيقة ومعادلات دولية متشابكة.
وختم بأن ما يحدث حالياً في ليبيا يُعدّ جزءاً من إعادة تشكيل المشهد السياسي، يُمهّد - على الأرجح - نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برعاية دولية، مشدداً على أن التطورات الأمنية الجارية لا تنفصل عن التحركات الدبلوماسية التي تجري خلف الكواليس.
يُذكر أن العاصمة طرابلس شهدت مساء أمس اشتباكات مسلحة في مناطق متفرقة على خلفية مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز دعم الاستقرار، في حادثة لم تُكشف تفاصيلها رسمياً، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الليبية. ودعت وزارة الداخلية السكان إلى التزام منازلهم حفاظاً على سلامتهم.