حذّر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي من التداعيات السلبية المحتملة على الاقتصاد التونسي إثر إعلان إيران غلق مضيق هرمز، معتبراً أن هذا القرار يُمثل تهديداً مباشراً للاستقرار الاقتصادي، ويُعقّد من جهود الحكومة التونسية في تحقيق نسبة النمو المعلنة لسنة 2025 والمقدّرة بـ3.2%. وأوضح أن هذه النسبة، في ظل المستجدات الجيوسياسية الأخيرة وارتفاع أسعار الطاقة، باتت صعبة التحقيق.
وأشار الشكندالي إلى أن الوضعية الجديدة في المنطقة، التي جاءت نتيجة التصعيد العسكري بين إيران والولايات المتحدة، ستكون لها آثار غير مباشرة على الداخل التونسي، من خلال زعزعة بعض السياسات المالية والاقتصادية التي راهنت عليها الحكومة، وفي مقدّمتها سياسة التعويل على الذات. واعتبر أن تراجع القدرة على تطبيق هذه السياسة قد يُضعف الموارد الجبائية للدولة، ويُفقد الميزانية أحد أهم مصادر التوازن.
وفي تفسيره لتأثير ارتفاع أسعار النفط عالميًا، شدّد الشكندالي على أن الزيادة المسجلة في سعر البرميل، الذي بلغ حدود 80 دولاراً في ظل الأزمة، من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب في سلاسل التوريد، وارتفاع كلفة الطاقة بالنسبة للدول المورّدة على غرار تونس، وهو ما سينعكس سلباً على نسب التضخم، ويزيد من الضغط على المواطن والمؤسسة على حدّ سواء.
وأضاف أن هذا التضخم المتزايد سيضع البنك المركزي التونسي أمام خيار صعب، حيث سيكون مجبراً على الترفيع في نسبة الفائدة المديرية لمحاولة الحد من تفاقم التضخم، وهو إجراء سيكون له تأثير مباشر على كلفة القروض، وسينعكس سلباً على الاستثمار والاستهلاك في الداخل، مما يُمهّد لدخول البلاد في مرحلة ركود اقتصادي فعلي إذا لم تُتّخذ التدابير الوقائية اللازمة.
كما حذّر الخبير من أنّ تزايد الضغط على المالية العمومية، نتيجة ارتفاع كلفة التوريد وتدهور المبادلات، سيؤدي إلى اتساع عجز الميزان التجاري، وهو ما يُهدّد بشكل مباشر قيمة الدينار التونسي مقارنة بالعملات الأجنبية، خاصة في ظل شُحّ الموارد الخارجية وتراجع احتياطي العملة الصعبة، مما يُعمّق أزمة الاقتصاد الكلي.
وفي هذا السياق، دعا الشكندالي الحكومة إلى التحرك بشكل استباقي عبر اتخاذ جملة من الإجراءات الاحتياطية السريعة لمجابهة هذه المرحلة الحرجة، مشدداً على ضرورة تنسيق الجهود بين جميع الأطراف المعنية بالشأن الاقتصادي، سواء على مستوى الدولة أو القطاع الخاص أو المجتمع المدني، لتخفيف وطأة الأزمة المرتقبة، وتفادي انزلاقات اقتصادية قد تكون كلفتها مرتفعة على المدى القصير والمتوسط.
ويُذكر أن إيران كانت قد أعلنت غلق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية لتصدير النفط والغاز في العالم، وذلك على خلفية هجمات جوية نفذتها الولايات المتحدة ضد أهداف داخل الأراضي الإيرانية قبل يومين، مما فجّر موجة جديدة من التوتر في المنطقة. ونتيجة لهذا التصعيد، ارتفعت أسعار النفط الخام إلى 80 دولاراً للبرميل، في حين أن ميزانية الدولة التونسية لسنة 2025 تم إعدادها على أساس تقديري لسعر البرميل في حدود 74 دولاراً، مما يضع الميزانية التونسية في وضع هشّ قد يتطلب مراجعة سريعة للفرضيات المعتمدة.