تشهد خدمات التاكسي الفردي في تونس، مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، موجة انتقادات متزايدة من المواطنين، بسبب تفشي ممارسات غير قانونية على غرار رفض الوجهات، الامتناع عن تشغيل العدّاد، وفرض تسعيرات عشوائية تتجاوز التعريفة الرسمية، وسط غياب فعلي للرقابة وتراجع في الالتزام بالضوابط المنظمة للمهنة.
وجهات مرفوضة وأسعار عشوائية
في شوارع العاصمة، يكاد مشهد المواطن الذي يلوّح لسائق تاكسي دون جدوى يتحوّل إلى صورة يومية مألوفة. يرفض بعض السائقين التنقل إلى مناطق بعيدة أو ذات حركة مرور كثيفة، في مشهد لا يخلو من انتقائية وتجاوز للقانون.
ويفيد عدد من المواطنين أن بعض السائقين يمتنعون عن تشغيل العدّاد، مفضلين الاتفاق المسبق على سعر يُعدّ في أغلب الأحيان مرتفعًا وغير منصف، مما يفقد هذه الخدمة العمومية مصداقيتها.
السائح أولًا... والمواطن ضحية
مع توافد الجالية التونسية بالخارج والسيّاح الأجانب، يزداد الطلب على سيارات الأجرة، ما يدفع البعض إلى تفضيل الزبائن من خارج البلاد، طمعًا في عائد مالي أكبر. هذا التوجه يُعمّق الفجوة بين السائقين والحرفاء التونسيين، ويزيد من صعوبة تنقلاتهم اليومية.
تبريرات مهنية... لكن المواطن يرفض
في المقابل، يبرر عدد من السائقين سلوكهم بالوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع كلفة الصيانة والمحروقات. ويرى بعضهم أن تعريفة العدّاد لم تعد تواكب التكاليف الحقيقية، وهو ما يبرر في نظرهم لجوءهم إلى التسعير الحرّ.
غير أن هذه الممارسات تبقى، من وجهة نظر المواطن، خرقًا واضحًا للقانون، وتدفع إلى المطالبة بمزيد من التنظيم والرقابة الفعلية.
بدائل غير تقليدية تظهر في الأفق... و"تاكسي موتو" يلفت الأنظار
في ظل تفاقم أزمة النقل الفردي خلال الصيف، بدأت تظهر مبادرات فردية أو خاصة تقدّم حلولًا بديلة، من بينها خدمة "تاكسي موتو" التي بدأت تنتشر بشكل محدود في بعض المناطق.
وتتميّز هذه الوسيلة بقدرتها على تجاوز الازدحام المروري، والوصول إلى الوجهات في وقت قياسي، فضلاً عن كلفتها المنخفضة نسبيًا مقارنة بالتاكسيات العادية. وقد لاقت استحسان فئة من الشباب، خاصة في الأحياء الكبرى أو في فترات الذروة.
ورغم عدم تقنين هذا النوع من الخدمات إلى اليوم، فإنّ التجربة تعكس رغبة مجتمعية في البحث عن بدائل أكثر مرونة وفعالية في التنقل، وتدفع السلطات إلى التفكير في إطار قانوني واضح يسمح بإدماج هذه المبادرات ضمن منظومة نقل آمنة ومنظمة.
ويُضاف إلى ذلك بروز بعض التطبيقات الرقمية التي تتيح طلب سيارات أجرة عن بعد، لكن بأسعار مرتفعة بسبب غياب الدعم الرسمي أو نقص الوعي بها لدى العموم.
نحو حلّ هيكلي للقطاع
في ظل غياب إصلاح جذري، يظل قطاع التاكسي الفردي في تونس ساحة لتجاذب دائم بين السائقين والمواطنين. وتبقى الحاجة قائمة إلى رقابة فعّالة، تشديد في تطبيق القانون، وإيجاد آليات رقمية وتقنيات بديلة تضمن جودة الخدمات وتحفظ حقوق الطرفين، خصوصًا في الفترات التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على وسائل النقل.