في أجواءٍ حالمة تحت ضوء القمر وعلى وقع موسيقى حيّة نابضة، افتتحت الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي مساء الجمعة بعرض استثنائي حمل توقيع عبد الحميد بوشناق تحت عنوان "رڨوج – العرض"، وسط حضور جماهيري كثيف ومدارج ممتلئة عن آخرها، لتكون الانطلاقة من ركح الحمامات مليئة بالحياة، الفن، والرسائل الرمزية.
العمل الذي انطلق من مسلسل تلفزيوني رسخ في ذاكرة التونسيين، تحوّل في هذا العرض إلى تجربة مسرحية حيّة ومركبة، جمعت بين السينوغرافيا البصرية الغنية، الموسيقى التصويرية الحيّة، التعبير الجسدي، والسرد الرمزي، لتحاكي بلدة "رڨوج" الخيالية التي تعكس واقعًا اجتماعيًا مألوفًا من الفساد، التفاوت، والبقاء رغم الألم.
في 160 دقيقة من المتعة البصرية والسمعية، نجح العرض في تقديم تجربة غامرة جمعت بين الفانتازيا والواقع، التهكم والأمل، العتمة والنور. حمل الجمهور بين أزقة "رڨوج" عبر ممثلين وراقصين وموسيقيين بلغ عددهم 120 عنصرًا، في توليفة فنية أشرف عليها عبد الحميد بوشناق (إخراج)، وحمزة بوشناق (موسيقى)، وأميمة المناعي (كوريغرافيا)، وتحت قيادة موسيقية مباشرة من المايسترو راسم دمق.
تكريم ووفاء: "كافون" حاضر بصوته وروحه
في لمسة مؤثرة، خُصّص جزء من العرض لتكريم الفنان الراحل أحمد العبيدي "كافون"، أحد أبرز وجوه العمل الأصلي، حيث استعادت الركح حضوره عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، وسط تأثر واضح من الجمهور.
فريق العمل: "قدّمنا عرضًا من القلب"
خلال الندوة الصحفية عقب العرض، تحدّث الفريق عن ضخامة التحدي وسعادتهم بردود فعل الجمهور. المخرج عبد الحميد بوشناق اعتبر أن "المسؤولية كانت مضاعفة لأن العرض ليس إعادة للعمل التلفزي بل تجربة جديدة بروح حية"، بينما أكّد حمزة بوشناق أن التحدي الأكبر كان "نقل الإحساس الحقيقي عبر الموسيقى".
من جهتها، أوضحت أميمة المناعي أن تصميم الرقصات استند إلى لغة جسدية تعبّر عن فانتازيا تخفي واقعًا اجتماعيًا مؤلمًا، أما المايسترو راسم دمق، فعبّر عن امتنانه للمشاركة في عمل "استثنائي على كل المستويات".
قادم السهرات: الموسيقى الكلاسيكية على الموعد
وتتواصل عروض المهرجان هذا السبت، 12 جويلية، بسهرة فنية تحت عنوان "قائدي الأوركسترا"، تجمع الأوركستر السمفوني التونسي بعدد من قادة الأوركسترا المغاربيين والمتوسطيين، في تجربة موسيقية استثنائية تعد بمستوى عالمي من الأداء والتنوع الفني.