خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلسَي نواب الشعب والجهات والأقاليم خُصّصت لمناقشة ميزانية وزارة المالية لسنة 2026، عبّر نواب من مختلف الكتل، اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025، عن امتعاضهم من مشروع الميزانية، معتبرين أنها “نسخة طبق الأصل من سابقاتها'' وأنها ''قائمة أساسًا على الجباية دون رؤية إصلاحية حقيقية''.
ميزانية بالأرقام… دون روح
النائب صالح الصيادي عن كتلة "الأمانة والعمل" رأى أن الميزانية الجديدة ليست سوى تكرار لأرقام مبنية بنسبة 90% على الجباية، تقابلها مؤشرات مقلقة: غلاء معيشة خانق، خدمات صحية متدهورة، بنية تحتية مهترئة، بطالة مرتفعة، وغياب تام للعدالة الجبائية والاجتماعية.
''مرحلة طوارئ اقتصادية''
بدوره، شدّد النائب المستقل عبد الحليم بوسمة على أن “أسباب العجز ومصادر التمويل لم تتغيّر قيد أنملة''، منتقدًا التعويل المفرط على المداخيل الجبائية التي تمثل عبئًا على المؤسسات الاقتصادية الصغرى والمتوسطة، ''العمود الفقري للاقتصاد الوطني''.
ولفت بوسمة إلى أن أكثر من نصف الاقتصاد الوطني ما يزال خارج الدورة المنظمة، داعيًا إلى إدماجه بآليات فعلية تضمن المساهمة في خلق الثروة والنمو.
وأكد أن الحل لا يكمن في فرض ضرائب جديدة، بل في ''تحريك محركات النمو وتشجيع الاستثمار''، محذرًا من تبعات ''الاقتراض الداخلي المفرط'' دون إجراءات وقائية تحمي الاقتصاد من التضخم والانكماش، ليخلص إلى القول: ''نحن في مرحلة طوارئ اقتصادية تستوجب إصلاحات جذرية شجاعة طال انتظارها''.
شعارات بلا أثر على الواقع
أما النائب بدر الدين القمودي، فانتقد ''الجمود المزمن'' في السياسة الجبائية منذ تسعينات القرن الماضي، معتبرًا أن الاعتماد المفرط على الجباية أوصل البلاد إلى حافة الإنهاك الاقتصادي. وأوضح أن نسبة المداخيل الجبائية بلغت 90.4% سنة 2025، وسترتفع إلى 90.9% في مشروع ميزانية 2026، دون أي خطة واضحة لاستغلال الموارد غير الجبائية.
وتساءل القمودي عن مصير مداخيل الأملاك المصادرة والأراضي الدولية ومنافع الدولة من قطاع المحروقات، معتبرًا أن ''رفع شعار التعويل على الذات بقي مجرّد كلام جميل بلا أثر على أرض الواقع''.
ميزانية بالشعارات… لا بالإصلاحات
من جانبه، اعتبر النائب عن كتلة "لينتصر الشعب" النوري جريدي أن مشروع ميزانية 2026 ''يحمل نفس الشعارات القديمة مع تغيير الأرقام فقط''، ويرتكز مجددًا على الأداءات بنسبة 90%، ما يعني، وفق قوله، “تضخّم القروض وتهميش دور البنك المركزي، دون حلول حقيقية للاقتصاد الريعي''.
وأضاف: ''ميزانية تضخ المليارات في مؤسسات عمومية مفلسة وتفتقر إلى رؤية إصلاحية، فيما يُطرح مخطط تنمية خماسي 2026–2030 بمشاريع تفوق قدرة الاقتصاد الوطني على تمويلها''.
ودعا جريدي إلى إجراءات جذرية تشمل ''تغيير العملة للسيطرة على الاقتصاد الموازي، إلغاء نظام الرخص، هيكلة الموانئ، مراجعة الديون المشبوهة، وتسريع المصادقة على مجلات الصرف والاستثمار والمحروقات والديوانة والمياه، مع إحداث بنك البريد وتشجيع استثمار التونسيين بالخارج''.