ثقافة و فن

صلاة القلق : من الرفض إلى البوكر... حكاية رواية تحدت الصمت

 لم يكن الكاتب محمد سمير ندا يتوقع أن روايته "صلاة القلق"، التي تُوجت لاحقًا بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2025، ستواجه صعوبة كبيرة في العثور على ناشر. فرغم تميّزها الأدبي، قوبلت الرواية بالرفض من عدة دور نشر مصرية قبل أن تجد طريقها للنور عبر دار مسكلياني التونسية.

 هذه المفارقة تلقي الضوء على أزمة النشر العربي، حيث يُستبعد الأدب الجاد لصالح ما يُعتبر أكثر رواجًا في السوق.
لماذا رفضتها دور النشر المصرية؟
بحسب تصريحات الكاتب، فقد تم إرسال الرواية إلى عدد من دور النشر المصرية، لكنها إما تجاهلتها تمامًا أو رفضتها دون إبداء أسباب واضحة. ورغم عدم التصريح المباشر بالدوافع، إلا أن هناك بعض الأسباب المحتملة:
الطابع التجريبي للرواية: تستخدم "صلاة القلق" لغة شعرية مكثفة وتعدد الأصوات السردية، ما يجعلها مختلفة عن الأعمال التجارية الرائجة.
الحذر التجاري: بعض دور النشر تفضّل الأعمال الأكثر قابلية للبيع، دون المجازفة بنشر نصوص أدبية ثقيلة أو غير تقليدية.
الرقابة الذاتية: ربما تجنبت بعض الدور نشر الرواية خوفًا من محتواها الرمزي الذي قد يفتح أبواب التأويل السياسي أو الاجتماعي.
و بعد سلسلة من الرفض، لجأ الكاتب إلى دار مسكلياني التونسية، التي تُعرف بدعمها للأعمال الأدبية الطموحة. وهنا، وجدت الرواية أخيرًا ناشرًا آمن بإمكانياتها وأعطاها فرصة حقيقية للوصول إلى القارئ العربي.
حين ينتصر الأدب على السوق
لم يكن فوز "صلاة القلق" بجائزة البوكر مجرد تكريم لكاتبها، بل كان إثباتًا أن الأعمال الجادة لا تُهزم بسهولة، حتى لو رفضتها دور النشر التقليدية. المفارقة هنا أن الرواية التي لم تجد ناشرًا في بلدها، أصبحت بعد الفوز محط اهتمام النقاد والقراء في مختلف الدول العربية.
رواية "صلاة القلق" لم تنتصر فقط على الرفض، بل انتصرت على الخوف من التجديد والتردد في دعم الأدب الحقيقي. هذه القصة تذكير بأن الأعمال العظيمة قد تُرفض في البداية، لكنها في النهاية تجد من يُقدّر قيمتها.